بحـث
المواضيع الأخيرة
الطريق الى النجاح بل إلى الفلاح
صفحة 1 من اصل 1
الطريق الى النجاح بل إلى الفلاح
سلسلة التفكر والتدبر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
فبمناسبة قدوم شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، وحيث إن إنزال القرآن ، إنما هو ؛ لتدبره والتفكر في آياته ، والعمل به .قال الله تعالى : " كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته " وقال تعالى : " أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا "
وقال تعالى : " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " .
فإني أقدم بين أيديكم موضوعات أدعو بها نفسي وإخواني وأخواتي بشدة إلى التفكر والتدبر لكتاب ربنا عز وجل ؛ فإن الإنسان لو جاءته رسالة من حبيب غالٍ عنده ، لأخذ ينظر فيها وفي كل كلمة ويتأملها ، ولم يمل من ذلك !
والقرآن العظيم قد جاءنا من أعظم محبوب ولا أحد أحب منه ، فلنجعل في هذا الشهر الكريم وقتا لتدبر كتاب ربنا . وسأنقل في هذه السلسلة إن شاء الله من كلام ابن القيم رحمه الله في كتابه مفتاح دار السعادة ما يشفي ويعين على التدبر والتفكر بإذن الله .
فنبدأ وبالله التوفيق :
( 1 ) مقدمة في أهمية التفكر والتدبر لا يستغني عنها من أراد ذلك
ثبت عن بعض السلف أنه قال : تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة .
وسأل رجل أم الدرداء بعد موت أبي الدرداء رضي الله عنه عن عبادته . فقالت :كان نهاره أجمعه في بادية التفكر .
وقال الحسن : تفكر ساعة خير من قيام ليلة . وقال الفضل : التفكر مرآة تريك حسناتك وسيئاتك .
وقيل لإبراهيم : إنك تطيل الفكرة . فقال : الفكرة مخ العقل . وكان سفيان كثيرا ما يتمثل :
إذا المرء كانت له فكرة ... ففي كل شيء له عبرة
وقال الحسن في قوله تعالى : " سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق " . قال : أمنعهم التفكر فيها . وقال بعض العارفين لو طالعتْ قلوبُ المتقين بفكرها إلى ما قُدِّر في حُجُبِ الغيب من خير الآخرة ، لم يَصْفُ لهم في الدنيا عيش ، ولم تَقَرَّ لهم فيها عين .
وقال الحسن : طول الوحدة أتم للفكرة ، وطول الفكرة دليل على طريق الجنة .
وقال وهب : ما طالت فكرةُ أحد قط إلا عَلِم ، وما علم امرؤ قَطُّ إلا عَمِل .
وقال عمر بن عبدالعزيز : الفكرة في نعم الله من أفضل العبادة .
وقال عبد الله بن المبارك لبعض أصحابه وقد رآه مفكرا : أين بلغت ؟ قال : الصراط .
وقال بِشْر الحافي : لو فكر الناس في عظمة الله ما عصوه .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة بلا قلب .
وقال أبو سليمان : الفكر في الدنيا حجاب عن الآخرة ، وعقوبة لأهل الوَلاية . والفكرة في الآخرة تورث الحكمة وتجلي القلوب .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : التفكر في الخير يدعو إلى العمل به .
وقال الحسن : إن أهل العلم ، لم يزالوا يعودون بالذِّكر على الفِكْر ، والفكر على الذكر ، ويناطقون القلوب حتى نطقت بالحكمة .
ومن كلام الشافعي : استعينوا على الكلام بالصمت . وعلى الاستنباط بالفكرة .
وهذا لأن الفكرة عمل القلب ، والعبادة عمل الجوارح ، والقلب أشرف من الجوارح . فكان عمله أشرف من عمل الجوارح . وأيضا : فالتفكر يوقع صاحبه من الإيمان على مالا يوقعه عليه العمل المجرد ، فإن التفكر يوجب له من انكشاف حقائق الأمور ، وظهورها له، وتميز مراتبها في الخير والشر ، ومعرفة مفضولها من فاضلها ، وأقبحها من قبيحها ، ومعرفة أسبابها الموصلة إليها ، وما يقاوم تلك الأسباب ، ويدفع موجبها ، والتمييز بين ما ينبغي السعي في تحصيله ، وبين ما ينبغي السعي في دفع أسبابه ، والفرق بين الوهم والخيال المانع لأكثر النفوس من انتهاز الفرص بعد إمكانها ، وبين السبب المانع حقيقة فيُشْتَغَل به دون الأول .
فما قَطَعَ العبدَ عن كماله وفلاحه وسعادته العاجلة والآجلة قاطعٌ أعظم من الوهم الغالب على النفس والخيال ، الذي هو مركبها . بل بحرها الذي لا تنفك سابحة فيه .
وإنما يقطع هذا العارض بفكرة صحيحة ، وعزم صادق يميز به بين الوهم والحقيقة .
وكذلك إذا فكر في عواقب الأمور ، وتجاوز فكرُه مباديَها وَضَعَها مواضِعَها ، وعلم مراتبها .
فإذا ورد عليه وارد الذنب والشهوة ، فتجاوز فكرُه لَذَّتَه ، وفَرَحَ النفسِ به إلى سوءِ عاقبتِه ، وما يترتب عليه من الألم ، والحزن الذي لا يُقاوِمُ تلك اللذةَ ، والفرحةَ ، ومن فكَّر في ذلك ، فإنه لا يكاد يُقْدِم عليه .
وكذلك إذا ورد على قلبه وارِدُ الرَّاحة والدعة والكسل والتقاعد عن مشقة الطاعات وتعبها ، حتى عَبَرَ بفكرِه إلى ما يترتب عليها من اللذات ، والخيرات ، والأفراح التي تغمر تلك الآلام ، التي في مباديها بالنسبة إلى كمال عواقبها .
وكلما غاص فكره في ذلك ، اشتد طلبه لها ، وسهل عليه معاناتها ، واستقبلها بنشاط وقوة وعزيمة .
وكذلك إذا فكَّر في منتهى ما يستعبده من المال والجاه والصور ونظر إلى غاية ذلك بعين فكره ، استحى من عقله ونفسه ، أن يكون عبدا لذلك ، كما قيل :
لو فكر العاشقُ في منتهى ... حُسْنِ الذي يسبيهِ لم يسبهِ
وكذلك إذا فكر في آخر الأطعمة المفتخرة التي تفانت عليها نفوس أشباه الأنعام ، وما يصير أمرها إليه عند خروجها ، ارتفعت همته عن صرفها إلى الاعتناء بها ، وجعلها معبودَ قلبِه ، الذي إليه يتوجَّهُ ، وله يرضى ويغضب ، ويسعى ويكدح ، ويوالي ويعادي . كما جاء في المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " إن الله جعل طعام ابن آدم مثل الدنيا ، وإن قَزَّحَه ومَلَّحَه ، فإنه يعلم إلى ما يصير ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
فإذا وقع فكره على عاقبة ذلك وآخر أمره ، وكانت نفسُه حُرَّةً أَبِيَّةً ربأ بها ( نزَّهها ) أن يجعلها عبدا ، لما آخره أنتنُ شيءٍ ، وأخبثه ، وأفحشه .
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
مع خالص تحياتي _ الامـــــــــــبراطـــــــور
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
فبمناسبة قدوم شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، وحيث إن إنزال القرآن ، إنما هو ؛ لتدبره والتفكر في آياته ، والعمل به .قال الله تعالى : " كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته " وقال تعالى : " أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا "
وقال تعالى : " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " .
فإني أقدم بين أيديكم موضوعات أدعو بها نفسي وإخواني وأخواتي بشدة إلى التفكر والتدبر لكتاب ربنا عز وجل ؛ فإن الإنسان لو جاءته رسالة من حبيب غالٍ عنده ، لأخذ ينظر فيها وفي كل كلمة ويتأملها ، ولم يمل من ذلك !
والقرآن العظيم قد جاءنا من أعظم محبوب ولا أحد أحب منه ، فلنجعل في هذا الشهر الكريم وقتا لتدبر كتاب ربنا . وسأنقل في هذه السلسلة إن شاء الله من كلام ابن القيم رحمه الله في كتابه مفتاح دار السعادة ما يشفي ويعين على التدبر والتفكر بإذن الله .
فنبدأ وبالله التوفيق :
( 1 ) مقدمة في أهمية التفكر والتدبر لا يستغني عنها من أراد ذلك
ثبت عن بعض السلف أنه قال : تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة .
وسأل رجل أم الدرداء بعد موت أبي الدرداء رضي الله عنه عن عبادته . فقالت :كان نهاره أجمعه في بادية التفكر .
وقال الحسن : تفكر ساعة خير من قيام ليلة . وقال الفضل : التفكر مرآة تريك حسناتك وسيئاتك .
وقيل لإبراهيم : إنك تطيل الفكرة . فقال : الفكرة مخ العقل . وكان سفيان كثيرا ما يتمثل :
إذا المرء كانت له فكرة ... ففي كل شيء له عبرة
وقال الحسن في قوله تعالى : " سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق " . قال : أمنعهم التفكر فيها . وقال بعض العارفين لو طالعتْ قلوبُ المتقين بفكرها إلى ما قُدِّر في حُجُبِ الغيب من خير الآخرة ، لم يَصْفُ لهم في الدنيا عيش ، ولم تَقَرَّ لهم فيها عين .
وقال الحسن : طول الوحدة أتم للفكرة ، وطول الفكرة دليل على طريق الجنة .
وقال وهب : ما طالت فكرةُ أحد قط إلا عَلِم ، وما علم امرؤ قَطُّ إلا عَمِل .
وقال عمر بن عبدالعزيز : الفكرة في نعم الله من أفضل العبادة .
وقال عبد الله بن المبارك لبعض أصحابه وقد رآه مفكرا : أين بلغت ؟ قال : الصراط .
وقال بِشْر الحافي : لو فكر الناس في عظمة الله ما عصوه .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة بلا قلب .
وقال أبو سليمان : الفكر في الدنيا حجاب عن الآخرة ، وعقوبة لأهل الوَلاية . والفكرة في الآخرة تورث الحكمة وتجلي القلوب .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : التفكر في الخير يدعو إلى العمل به .
وقال الحسن : إن أهل العلم ، لم يزالوا يعودون بالذِّكر على الفِكْر ، والفكر على الذكر ، ويناطقون القلوب حتى نطقت بالحكمة .
ومن كلام الشافعي : استعينوا على الكلام بالصمت . وعلى الاستنباط بالفكرة .
وهذا لأن الفكرة عمل القلب ، والعبادة عمل الجوارح ، والقلب أشرف من الجوارح . فكان عمله أشرف من عمل الجوارح . وأيضا : فالتفكر يوقع صاحبه من الإيمان على مالا يوقعه عليه العمل المجرد ، فإن التفكر يوجب له من انكشاف حقائق الأمور ، وظهورها له، وتميز مراتبها في الخير والشر ، ومعرفة مفضولها من فاضلها ، وأقبحها من قبيحها ، ومعرفة أسبابها الموصلة إليها ، وما يقاوم تلك الأسباب ، ويدفع موجبها ، والتمييز بين ما ينبغي السعي في تحصيله ، وبين ما ينبغي السعي في دفع أسبابه ، والفرق بين الوهم والخيال المانع لأكثر النفوس من انتهاز الفرص بعد إمكانها ، وبين السبب المانع حقيقة فيُشْتَغَل به دون الأول .
فما قَطَعَ العبدَ عن كماله وفلاحه وسعادته العاجلة والآجلة قاطعٌ أعظم من الوهم الغالب على النفس والخيال ، الذي هو مركبها . بل بحرها الذي لا تنفك سابحة فيه .
وإنما يقطع هذا العارض بفكرة صحيحة ، وعزم صادق يميز به بين الوهم والحقيقة .
وكذلك إذا فكر في عواقب الأمور ، وتجاوز فكرُه مباديَها وَضَعَها مواضِعَها ، وعلم مراتبها .
فإذا ورد عليه وارد الذنب والشهوة ، فتجاوز فكرُه لَذَّتَه ، وفَرَحَ النفسِ به إلى سوءِ عاقبتِه ، وما يترتب عليه من الألم ، والحزن الذي لا يُقاوِمُ تلك اللذةَ ، والفرحةَ ، ومن فكَّر في ذلك ، فإنه لا يكاد يُقْدِم عليه .
وكذلك إذا ورد على قلبه وارِدُ الرَّاحة والدعة والكسل والتقاعد عن مشقة الطاعات وتعبها ، حتى عَبَرَ بفكرِه إلى ما يترتب عليها من اللذات ، والخيرات ، والأفراح التي تغمر تلك الآلام ، التي في مباديها بالنسبة إلى كمال عواقبها .
وكلما غاص فكره في ذلك ، اشتد طلبه لها ، وسهل عليه معاناتها ، واستقبلها بنشاط وقوة وعزيمة .
وكذلك إذا فكَّر في منتهى ما يستعبده من المال والجاه والصور ونظر إلى غاية ذلك بعين فكره ، استحى من عقله ونفسه ، أن يكون عبدا لذلك ، كما قيل :
لو فكر العاشقُ في منتهى ... حُسْنِ الذي يسبيهِ لم يسبهِ
وكذلك إذا فكر في آخر الأطعمة المفتخرة التي تفانت عليها نفوس أشباه الأنعام ، وما يصير أمرها إليه عند خروجها ، ارتفعت همته عن صرفها إلى الاعتناء بها ، وجعلها معبودَ قلبِه ، الذي إليه يتوجَّهُ ، وله يرضى ويغضب ، ويسعى ويكدح ، ويوالي ويعادي . كما جاء في المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " إن الله جعل طعام ابن آدم مثل الدنيا ، وإن قَزَّحَه ومَلَّحَه ، فإنه يعلم إلى ما يصير ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
فإذا وقع فكره على عاقبة ذلك وآخر أمره ، وكانت نفسُه حُرَّةً أَبِيَّةً ربأ بها ( نزَّهها ) أن يجعلها عبدا ، لما آخره أنتنُ شيءٍ ، وأخبثه ، وأفحشه .
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
مع خالص تحياتي _ الامـــــــــــبراطـــــــور
الامبراطور- عضو ماسي
- عدد المساهمات : 117
نقاط : 5773
تاريخ التسجيل : 29/07/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين سبتمبر 21, 2009 6:45 am من طرف zyad18
» برنامج القران
الثلاثاء سبتمبر 08, 2009 5:45 pm من طرف الامبراطور
» عم حسين باعثمان مات1
الإثنين سبتمبر 07, 2009 3:50 pm من طرف علي البرنس
» عم حسين باعثمان مات 2
الأحد سبتمبر 06, 2009 7:52 pm من طرف zyad18
» خطا X خطا
الأحد سبتمبر 06, 2009 4:57 pm من طرف علي البرنس
» عالم استرالي اعلن اسلامه بسبب نملة ..!! سبحان الله
الجمعة سبتمبر 04, 2009 9:32 pm من طرف الامبراطور
» عقوبة من يترك الصلاة
الجمعة سبتمبر 04, 2009 9:26 pm من طرف الامبراطور
» الدعاء الذي هز ثلاث سموات
الجمعة سبتمبر 04, 2009 9:20 pm من طرف الامبراطور
» قميص كان سببا لدخول أكثر من 300 انجليزي في الإسلام ..؟؟
الجمعة سبتمبر 04, 2009 9:15 pm من طرف الامبراطور